تاريخ نشأه الالحان

ذكرت مجلة الكرازة خبراً صغيراً بتاريخ 9/12/2005 م السنة 33 العدد 37 و 38 : " أن سلمت السيدة لورنس راغب مفتاح إلى لقداسة البابا شنودة الثالث عدد 21 C.D بصوت المعلم ميخائيل البتاتونى مع كتابتها على النوتة الموسيقية , وقد قام قداسة البابا بدوره وسلم هذه الكنوز الموسيقية القديمة إلى قسم الألحان والموسيقى بمعهد الدراسات القبطية فى يد الأستاذ ميشيل بديع عبد الملك رئيس القسم .


مجلة الكرازة الناطقة بلسان الكنيسة القبطية الكرازة السنة 35 العددان 15-16 11 مايو2007 م عن مقالة بعنوان " المعلم ميخائيل جرجس غبريال البتاتونى - حجة الألحان القبطية وأستاذ أجيال المرتلين فى القرن العشرين " بقلم الأستاذ ميشيل بديع عبد الملك رئيس قسم الموسيقى والألحان بمعهد الدراسات القبطية :

تحتفل الكنيسة القبطية هذا العام بمرور 50 عاماً على نياحة المعلم ميخائيل البتاتونى كبير مرتلى الكرازة المرقسية وأستاذ اللحان بمعهد الدراسات القبطية والكلية الإكليريكية , والذى يعتبر المرجع الوحيد لألحان كنيستنا القبطية الرثوذكسية , وطقوسها وصاحب الفضل الول فى الحفاظ على التراث الروحى للألحان الخالدة لكنيستنا القبطية .

وقد تنيح بشيخوخة صالحة باكر خميس العهد الموافق 18 ابريل 1957 م عن عمنر يناهز 84 عاماً , قضى منها 66 عاماً فى خدمة تسليم الحان الكنيسة للأجيال بامانة كاملة وبدون أن ينقص أو يزيد هزة واحدة على الألحان التى تسلمها من جهابذة المرتلين الذين تتلمذ على أيديهم وهم المعلم أرمانيوس والمعلم صليب الذى كان عالماً كبيراً بجميع طقوس الكنيسة .

وتقديراً وإعتزازاً لما قدمه المعلم ميخائيل البتاتونى للكنيسة القبطية يقوم قداسة البابا شنودة الثالث بإحياء ذكرى مرور 50 عاماً على نياحة هذا الكوكب اللامع فى سماء الكنيسة القبطية , وهذا الإهتمام البالغ من قداسة البابا شنودة الثالث بنكريم المعلم ميخائيل البتاتونى هو تعبير صادق من قداسته على أهتمامه بالألحان الكنسية وتأثيرها الروحى فى الصلوات الكنسية , وكذلك أهتمامه الشديد برسالة المرتل فى الكنيسة , بالإضافة إلى تكريم المرتلين جميعاً فى شخص المعلم ميخائيل البتاتونى , وفوق هذا عمق العلاقة التى كانت تربط بين قداسة البابا شنودة الثالث منذ أن كان يخدم فى مدارس الأحد ثم راهباً بدير السريان العامر بالمعلم ميخائيل البتاتونى والمحبة الصادقة التى يكنها له .

قى عام 1881 م إلتحق بالمدرسة البطريركية ومكث بها حتى عام 18885م , ثم ألتحق بالأزهر كمستمع ليتعلم اللغة اللغة العربية كما أنه درس علوم الصرف والنحو والبيان وأستمع إلى شرح أبن عقيل على ألفية أبن مالك
ولد المعلم ميخائيل البتاتونى بالقاهرة فى 14 سبتمبر عام 1873 م من عائلة نشأت فى بلدة البتاتون محافظة المنوفية وكان والده موظفاً بالحكومة فى قلم ألأحوال المقررة , وكان على علاقة قوية بالمتنيح الأنبا كيرلس الخامس منذ أن كان راهباً , وقد أصيب المعلم ميخائيل البتاتونى بفقد بصره منذ طفولته وهو فى الخامسة من عمره ألحقه والده بكتاب " أبو السعد " بشارع الجبرتى بحى ألزبكية عام 1879 م , وتعلم اللغة القبطية وحفظ المزامير والتسبحة .

تمت سيامته شماساً عام 1889 م بيد البابا كيرلس الخامس وعين عام 1891 مرتلاً بالكنيسة المرقسية الكبرى ثم مدرساً للألحان عام 1893 م بالمدرسة الإكليريكية , كما قام بتدريس الألحان بمعهد الدراسات القبطية منذ نشأته عام 1953 م .

كان المعلم ميخائيل قد درس العلوم اللاهوتية على يد المتنيح القمص فيلوثاءس إبراهيم الذى كان رئيساً للكنيسة المرقسية فى عهد البابا كيرلس الخامس , وكان لاهوتياً قديراً فى عصره , وإستلم ألحان الكنيسة جميعها بطريقة إعجازية تدل على عقليته الفذة , ومدى أستعداده على حفظ ألحان الكنيسة بحب شديد , فيذكر عن نفسه الآتى : " كان والدى يدقق فى تربيتى فسلمنى إلى معلمين بارعين منهم المعلم أرمانيوس والمعلم صليب لكنهم كانوا يبخلون على الصغار أمثالى بتعليم الألحان , فكنت لشدة ميلى لتعلم الألحان أختبئ تحت الكنبة وألتقط اللحن حين يعلمه المعلم لأحد الآباء الكهنة أقاربى , وكنت أراجع اللحن مع الكهنة الذين أستلموا اللحن فور أنتهاء الدرس حتى أتمكن من تثبيت اللحن على نحو دقيق "

ومن الطريف أنه توجد مشابهة بينى وبين القديس ديدموس الضرير مدير مدرسة الإسكندرية اللاهوتية (313 - 398 م) فالأخير قام بإختراع طريقة لحفر حروف اللغة اليونانية على قطعة من الخشب والتى عرفت فيما بعد بطريقة برايل للقراءة البارزة الخاصة بالمكفوفين , وذلك حتى يتمكن من تعلم قراءة الكتاب المقدس بنفسه , و المعلم ميخائيل البتاتونى قام بتدريس اللغة القبطية فى مدرسة العميان بالزيتون عام 1901 م , والتى أنشأتها مدام آرم تاج , وأضطر إلى صنع حروف اللغة القبطية بطريقة برايل البارزة حتى يستعين بها فى تدريس القراءة باللغة القبطية , فكلاهما كان له أشتياق روحى .

فى عام 1928 م أحضر المتنيح راغب مفتاح - مؤسس ورئيس قسم الموسيقى القبطية بمعهد الدراسات القبطية - الموسيقار المشهور Ernest Newlandsmith للحفاظ على ألحان الكنيسة القبطية وتدوينها بالنوتة الموسيقية ووقع الأختيار على المعلم ميخائيل جرجس البتاتونى لينقل عنه جميع ألحان الكنيسة القبطية , وأستمر هذا العمل حتى عام 1936 , وتم تدوين الألحان الكنسية فى 16 مجلداً .

كان المعلم ميخائيل البتاتونى مسبحاً من الطراز الأول فكان يؤدى اللحن بأحاسيس صادقة نابعة من قلب مفعم بالحب والحرارة وحلاوة التسبيح والصلاة , فكان احياناً يبكى أثناء الصلاة - كما روى ذلك معاصروه _ ولم يتوانى فى الحضور مبكراً ليسبح مع الملائكة فى الظلام قبل الفجر لابساً معطفه البسيط وملبسه المتوضع وفى يده عصاه يتحسس بها الطريق فيمشى بين صفوف المقاعد الخاوية داخل الكنيسة حتى يصل إلى الهيكل , ويسجد فى خشوع أمام الرب ويبدأ حديثه فى التسبيح ليسعد الرب الإله .

كما أنه كان أمينا فى تسليمه الألحان فقالوا عنه أنه صاحب اللحن المضبوط , وقال عنه د. راغب مفتاح , أنه تمكن بعبقريته الفنية الخارقة أن يؤدى للموسيقى القبطية خدمة تجل عن الوصف لأنه من بين أفراد جيله الذى عاش فيه يعتبر أكثر إستيعاباً للألحان القبطية جميعها وقد كان الواسطة الوحيدة فى تسلم هذه الألحان إلينا